إستطاع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية FBI ووكالات تنفيذ القانون الأخرى الحصول على صلاحيات واسعة لفحص وإختراق الحواسيب والأجهزة الإلكترونية داخل الولايات المتحدة وسائر دول العالم الأخرى، بعد التعديلات التي أدخلتها وزارة العدل الأمريكية على المادة رقم “41” من قانون الإجراءات الجنائية الأمريكية.
وبالرغم من المعارضة الشديدة التي وجدها هذا التعديل في الكونجرس الأمريكي إلا أن هذه الصلاحيات والتعديلات قد تم الموافقة عليها وأصبح سارياً بشكل رسمي إعتباراً من الأول من ديسمبر لهذا العام 2016.
ما هي المادة 41؟!
هي مادة قانونية من قواعد الإجراءات الجنائية الأمريكية تُحدّد للقضاة ما يجب وما لا يجب إتخاذه من قرارات وأحكام قانونية تتعلّق بمنح صلاحيات الضبط والتفتيش والبحث في البيانات الشخصيّة للمُستخدمين للمُساعدة في عمليات التحقيق الجارية.وهذه المادة لديها شرط مهم وهو ضرورة حصول المؤسسة المنفذة للقانون على مذكرة من قاضٍ متواجد في نفس الولاية موضوع التحقيق حتى يتسنى له إصدار هذه المذكرة، وبمعنى أخر لا يُسمح لأي قاضي أخر أن يُصدر مذكرة تفتيش أو بحث لولاية أخرى خارج دائرة إختصاصه.
ما هي التعديلات التي حصلت في هذه المادة؟!
التعديل الجديد أعطى الصلاحية لأي قاضي في الولايات المتحدة الأمريكية سواء قاضي فيدرالي أو قاضي محلى في أي ولاية من الولايات الأمريكية، سلطة إصدار المذكرات القانونية للسلطات الحكومية وأجهزة التحقيق الفيدرالية FBI وأجهزة المخابرات الأمريكية CIA بالبحث والتفتيش في جهاز إلكتروني في أي ولاية أخرى دون التقيد بالمنطقة الجغرافية.
هذه التعديلات لا تشمل فقط الولايات المتحدة الأمريكية بل تتوسع لتشمل جميع دول العالم، وبات بإمكان الوكالات الحكومية وأجهزة التحقيق الفدرالية والمخابرات الأمريكية سُلطة إختراق أي جهاز إلكتروني في العالم متى ما رأت أنها لها صلة بموضوع التحقيق أو إشتبهت بأن لها علاقة بهذا التحقيق.
هذه السلطة الممنوحة للوكالات الحكومية تسمح لها بالنسخ والاستيلاء على معلومات أي جهاز إلكتروني في العالم بعلم صاحبه أو بدون علمه، وهذه التعديلات أيضاً ستمسح للوكالات بإختراق وقرصنة الأجهزة التي تستخدم برامج حماية وخصوصية أو تستخدم أدوات وخدمات التصفح المخفي مثل VPN.
ما هي الأسباب التي دعت لهذا التعديل؟!
جميع الخبراء والباحثين أجمعوا بأن الحرب القادمة ليست بالأسلحة التقليدية أو الجيوش البشرية، بل هي حرب معلومات وقرصنة على أعلى المستويات، خاصة وإن العديد من حالات القرصنة والإختراق بدأت بصورة فردية ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت الدول – حتى وإن لم تعترف بذلك رسمياً – تُجند فرق ومجموعات خاصة يتم تدريبها ورعايتها بهدف إختراق أنظمة الدول وقرصنتها للحصول على المعلومات وتدمير البنية التحتية لهذه الدول.
ولذلك أرادت الولايات المتحدة الأمريكية تحصين نفسها ضد هذه الفرق ومجموعات القرصنة بصبغة قانونية علنية و هدف أخر وهو الحصول على المعلومات وشن الهجمات الإلكترونية بدون ملاحقة القانون.
كما أن تنامي خطر الجماعات الإرهابية واتجاهها لإستخدام التكنولوجيا في تنفيذ هجماتها له الأثر البالغ في الموافقة على هذه التعديلات، فقد إصطدمت وكالات إنفاذ القانون الأمريكية عدة مرات بحواجز القوانين الأمريكية الصارمة في مسألة الخصوصية، وحادثة بوسطن الإرهابية والمعركة القانونية التي خاضتها مع شركة أبل الأمريكية أثبتت لها بأن إجراء تعديلات يتماشي مع نهجها في التفتيش والبحث والإختراق أمراً ضرورياً ومسألة لابد منها.
هل هنالك معارضون لهذا التعديل؟!
جميع الإتحادات والمنظمات الأمريكية للحريات المدنية ناضلت بقوة لعدم المصادقة على هذا التعديل، وإنضم عدة خبراء وباحثين في مجال أمن المعلومات وأيضاً تشكلت عدة تحالفات في مجلس الشيوخ لمعارضه هذا التعديل.
وكان منبع خوفهم ومعارضتهم لهذا التعديل في أنه سيعطي الوكالات الحكومية المعنية بالتحقيقات صلاحيات واسعة للتجسس وإختراق الأجهزة مما يقد يلحق الضرر بمجموعة كبيرة من المستخدمين الأبرياء والذي ستكون مسألة خصوصيتهم ومعلوماتهم الشخصية في خطر بالغ.
وبالإضافة إلى ذلك هنالك عدة أسباب منها:
- هذا التعديل يعتبر إنتهاك صارخ للدستور الأمريكي الخاص بالحريات الشخصية، وأيضا إنتهاك القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
- بموجب هذا التعديل لا يحق للفرد إبداء أي معارضة من أي نوع كان عند إختراق حاسوبه أو هاتفه الذكي والإستيلاء على بياناته ومعلوماته الشخصية، مما يعُد إنتهاكاً صارخاً للخصوصية والسلامة الشخصية.
- هذا التعديل يضع جميع أجهزة الحواسيب والهواتف الذكية في الولايات المتحدة الأمريكية تحت تصرف وكالات الحكومية مثل FBI و CIA تستطيع إختراقها من طرف واحد بدون موافقة الشخص المعنى طالما كان هنالك مذكرة قانونية.
- كما أن هذا التعديل لا يختص فقط بالولايات المتحدة بل هو سارٍ في جميع دول العالم، وتستطيع بموجبها إختراق وقرصنة أي حاسوب أو هاتف ذكي في اى دولة من دول العالم، مما يُعد إنتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية التي لا تسمح بها قوانين الأمم المتحدة.
من هم الموافقون على هذا التعديل؟!
بما أن هذه التعديلات قد تم دفعها من وزارة العدل الأمريكية لذلك كانت الإدارة الأمريكية من أشد المناصرين للتصويت على هذا القرار وقد صرح متحدث بإسم وزارة العدل “بأن المجرمين الآن لديهم تقنيات لإخفاء هوياتهم، بينما يقومون بأعمال إجرامية عبر الإنترنت، لذا فإن استخدام عمليات البحث عن بعد هي في الغالب الآلية الوحيدة المتاحة لإنفاذ القانون لتحديد هوياتهم والقبض عليهم”
وبحسب تقرير لمجلة Foreign Policy فإن القراصنة قد وصلوا إلى ترسانة غير مسبوقة من أدوات القرصنة والتكنولوجيا المتطورة، حيث يشكوا المحققون الفيدراليون من أن وسائل الاتصال المشفرة كثيرا ما تعرقل عملهم ، غير أن تغيير هذا القانون من شأنه أن يجعل من السهل لمكتب التحقيقات الفيدرالية إستخدام أدوات القرصنة في تحقيقاتها في الجريمة على الإنترنت.
متى يدخل هذا التعديل حيز التنفيذ؟!
إعتباراً من الأول من ديسمبر لهذا العام 2016 دخل هذا القانون حيز التنفيذ بشكل رسمي، وبالتالي ستكون جميع الأجهزة الإلكترونية بما فيها الحواسيب والهواتف الذكية في اى مكان في العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية تحت تصرف وكالات إنفاذ القانون الأمريكية متى ما تم الإشتباه فيها أو لها صلة بإحدى التحقيقات الجنائية، وستكون كذلك حتى يُبثت العكس.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق