يذكر التاريخ بكل الفخر موقف المثني بن حارثة رضي الله عنه في موقعة الجسر في شهر شعبان سنة 13 هجرية بعد استشهاد قائد المسلمين أبي عبيد مسعود الثقفي وخلفائه السبعة رضوان ربي عليهم وبدأ تراجع المسلمين وتحول التراجع إلي هزيمة نكراء حيث أخذ المسلمون يفرون عبر الجسر العتيق المعتل نحو الضفة الغربية من النهر
وبينما المثني رضي الله عنه ينظم الثابتين بعد توليه قيادة الجيش أخذ يدعو الفارين إلي الثبات , إذ سارع رجل من ثقيف إلي الجسر ينتسفه ويقطعه حتى لا يفر المسلمين فكانت مأساة علي المسلمين ... واغتبط الفرس بهذا العمل الكارثي الذي قام به عبد الله بن مرثد الثقفي وجماعته وأيقنوا أن هزيمة المسلمين قد تحققت وأنها لم تعد هزيمة فقط بل ستكون كارثة يباد فيها جميع قوات المسلمين في المعركة والذي أصبح لا مفر لرجاله من الموت بعد أن انتسفوا الجسر
وكان بهمن جاذويه ماكرا خبيرا بالحرب داهية أمر مجموعة كبيرة من قواته بتوجه ناحية الجسر المخرب لئلا يحاول أحد إصلاحه وأن يقتلوا كل من يقترب من الجسر من المسلمين والذين لم يعد يهمهم إلا النجاة بعد أن أصبحت هزيمة كاملة .. ولما رأي المسلمون أن لا سبيل إلي العبور عن طريق الجسر المخرب واحتشد الفرس حول الجسر صار المسلمون يقذفون بأنفسهم في النهر محاولين الوصول إلي الشاطئ الغربي من النهر ولكن غرق في النهر حوالي ألفين من المسلمين فكانت كارثة أخري
كانت هزيمة المسلمين ستكون نهايتها إبادتهم جميعا إذا لم يحدث مايشبه المعجزة ويعد إقامة الجسر من جديد , وقد حدث فعلا ما يشبه المعجزة إذا سارع البطل المغوار الذي لا تعرف نفسه الجزع أنه الذي قيل في حقه ( هذا رجل غير خامل الذكر ولا مجهول النسب ولا ذليل العماد ) هذا الرجل الذي جرأ المسلمين علي مقارعة الفرس ومهد لفتح العراق أنه المثني بن حارثة
تحرك المثني نحو الجسر هو ونخبة من خيرة الصحابة وزعماء القبائل لإصلاح الجسر ومقاتلة الفرس الذين احتشدوا لمنع إصلاح الجسر , قتال المسلمين والفرس عند الجسر وقامت معركة طاحنة فقاتلهم المثني ورجاله في شجاعة تفوق الخيال فأعملوا فيهم السيوف باستماتة حتى دحروهم , وأفسحوا المجال للمنسحبين أن يعبروا إلي الشاطئ الغربي . وسقط الكثير شهداء
وجرح المثني نفسه جرحا مميتا عند الجسر ولكنه ربط جرحه وبدأ المسلمين من العبور وهم في حالة صعبة جدا من القتال وقلق من الفرس , هنا برز البطل الأسد الهصور القائد العام الجريح المثني وسط المعمعة علي صهوة جواده عند الجسر كالطود الشامخ في درعه الذي هتكته الرماح ودمه يسيل , وقف يصيح في المسلمين يطلب منهم الانسحاب عبر الجسر وقال ( أيها الناس أن دونكم فأعبروا علي هنيتكم أي متمهلون . ولا تدهشوا فإن لن نتحرك من مكاننا حتى نراكم في ذلك الجانب ولا تغرقوا أنفسكم ) يالله هكذا هم قادة الإسلام
وهكذا بفضل الله ثم شجاعة الأسد الهصور المثني تمت عملية عبور بقية الجيش ونجا ستة آلاف مسلم من موت كان محققا لو لم يوفق الله المثني لإصلاح الجسر الذي دفع حياته الغاليه ثمنا لإصلاحه لأنه رضوان ربي عليه مات بعد أكثر من شهرين متأثرا بالجرح الخطير الذي أصابه يوم الجسر
وبعد أن أكمل الانسحاب ولم يبق مسلم في مكان المعركة كان آخر من انسحب الأسد الهصور . كان رضي الله عنه ينسحب ووجهه نحو الفرس يقتلهم وظهره إلي الشاطئ الغربي ولم يستطع أحد من الفرس الاقتراب منه ومن جرؤ علي الاقتراب كانت نهايه بسيف الأسد الهصور حتى وصل هو آخر المسلمين إلي الجانب الغربي من النهر
المصادر:تاريخ الطبري..الكامل في التاريخ
البداية والنهاية.. ترطيب الأفواه
مواقف حاسمة من التاريخ.. التاريخ مواقف وعبر.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق